سورة غافر - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (غافر)


        


{ولقد آتينا موسى الهُدى} من الضلالة، يعني التوراة {وأورَثْنا بني إسرائيل الكتابَ} بعد موسى، وهو التوراة أيضا في قول الأكثرين؛ وقال ابن السائب: التوراة والإنجيل والزَّبور. والذِّكرى بمعنى التذكير.
{فاصْبِر} على أذاهم {إنّ وَعْدَ الله حَقٌّ} في نصرك، وهذه الآية في هذه السورة في موضعين [غافر: %5577]، وقد ذكروا أنها منسوخة بآية السيف. ومعنى: {سَبّح} صَلِّ.
وفي المراد بصلاة العشيّ والإبكارِ ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الصلوات الخمس، قاله ابن عباس.
والثاني: صلاة الغداة وصلاة العصر، قاله قتادة.
والثالث: أنها صلاة كانت قبل أن تُفرض الصلوات، ركعتان غُدوةً وركعتان عشيَّةً، قاله الحسن.
وما بعد هذا قد تقدم آنفا [المؤمن: 4] إلى قوله: {إنْ في صُدورهم إلاّ كِبرٌ...} الآية نزلت في قريش؛ والمعنى: ما يَحْمِلُهم على تكذيبك إلاّ ما في صدورهم من التكبُّر عليك، وما هم ببالغي مقتضى ذلك الكِبْر؛ لأن الله تعالى مُذِلُّهم {فاستعذ بالله} من شرِّهم؛ ثم نبَّه على قدرته بقوله: {لَخَلْقُ السموات والأرض أكبرُ من خَلْقِ الناس} أي: من إعادتهم، وذلك لكثرة أجزائها وعظم جِرْمها، فنبَّههم على قُدرته على إعادة الخَلْق {ولكنَّ أكثر الناس لا يَعلمونَ} يعني الكفار حين لا يستدلُّون بذلك على التوحيد. وقال مقاتل: عظمَّت اليهودُ الدجّالَ وقالوا: إن صاحبنا يُبعَث في آخر الزمان وله سلطان، فقال الله: {إن الذين يجادِلونَ في آيات الله} لأن الدجّال من آياته، {بغير سُلطان} أي: بغير حجة، فاستعذ بالله من فتنة الدجّال. قال: والمراد ب {خَلْق الناس}: الدجّال؛ وإلى نحو هذا ذهب أبو العالية، والأول أصح.
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {ادْعُوني أَسْتَجِبْ لكم} فيه قولان:
أحدهما: وحِّدوني واعبُدوني أثِبْكم، قاله ابن عباس.
والثاني: سلوني أُعْطِكم، قاله السدي.
{إن الذين يَستكبِرونَ عن عبادتي} فيه قولان:
أحدهما: عن توحيد،.
والثاني: عن دعائي ومسألتي {سَيَدْخُلونَ جهنَّم} قرأ ابن كثير، وأبو بكر عن عاصم، وعباس بن الفضل عن أبي عمرو: {سيُدْخَلونَ} بضم الياء، والباقون بفتحها والدّاخر الصّاغر.
وما بعد هذا قد سبق في مواضع متقرفة [يونس: 67] [القصص: 73] [الأنعام: 95] [النمل: 61] [الأعراف: 54 29] [الحج: 5] إلى قوله: {ولِتبلُغوا أجلاً مسمىً} وهو أجل الحياة إلى الموت {ولعلَّكم تَعقِلونَ} توحيدَ الله وقدرتَه.


{ألم تَرَ إلى الذين يجادِلون في آيات الله} يعني القرآن، يقولون: ليس من عند الله، {أنَّى يُصْرَفونَ} أي: كيف صُرِفوا عن الحق إلى الباطل؟! وفيهم قولان:
أحدهما: أنهم المشركون، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم القَدَريَّة، ذكره جماعة من المفسرين. وكان ابن سيرين يقول: إن لم تكن نزلت في القَدَريَّة فلا أدري فيمن نزلت.
وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وأبو رزين، وأبو مجلز، والضحاك، وابن يعمر، وابن أبي عبلة: {والسلاسلَ يَسحبونَ} بفتح اللام والياء. وقال ابن عباس: إذا سحبوها كان أشدَّ عليهم.
قوله تعالى: {يُسْجَرُونَ} قال مجاهد: توقدَ بهم النار فصاروا وَقودَها.
قوله تعالى: {أين ما كنتم تشرِكونَ} مفسَّر في [الأعراف: 190
وفي قوله: {لَمْ نكن نَدْعو من قَبْلُ شيئاً} قولان:
أحدهما: أنهم أرادوا أن الأصنام لم تكن شيئاً، لأنها لم تكن تضُر ولا تنفع، وهو قول الأكثرين.
والثاني: أنهم قالوه على وجه الجحود، قاله أبو سليمان الدمشقي. {كذلك} أي: كما أضلَّ اللهُ هؤلاء يُضِّلُّ الكافرين.
{ذلكم} العذاب الذي نزل بكم {بما كنتم تَفرحونَ في الأرض بغير الحق} أي: بالباطل {وبما كنتم تَمرحونَ} وقد شرحنا المَرَح في [بني إسرائيل: 37] وما بعد هذا قد تقدَّم بتمامه [النحل: 29] [يونس: 109] [النساء: 164] إلى قوله: {وما كان لرسولٍ أن يأتيَ بآية إلاّ باذن الله} وذلك لأنهم كانوا يقترِحون عليه الآيات {فإذا جاء أمرُ الله} وهو قضاؤه بين الأنبياء وأُممهم و{المبطلون}: أصحاب الباطل.
قوله تعالى: {ولِتبلُغوا عليها حاجةً في صُدوركم} أي: حوائجكم في البلاد.
قوله تعالى: {فأيَّ آيات الله تُنْكِرونَ} استفهام توبيخ.
قوله تعالى: {فما أغنى عنهم} في {ما} قولان:
أحدهما: أنها للنفي.
والثاني: أنها للاستفهام ذكرهما ابن جرير.
قوله تعالى: {فرٍحوا بما عندهم من العِلْم} في المشار إليهم قولان:
أحدهما: أنهم الأُمم المكذِّبة، قاله الجمهور؛ ثم في معنى الكلام قولان:
أحدهما: أنهم قالوا: نحن أعلم منهم لن نُْعَثُ ولن نُحَاسَبَ، قاله مجاهد.
والثاني: فرحوا بما كان عندهم أنه عِلْم، قاله السدي.
والقول الثاني: أنهم الرُّسل؛ والمعنى: فرح الرُّسل لمّا هلك المكذِّبون ونَجَوْا بما عندهم من العِلْم بالله إذ جاء تصديقُه، حكاه أبو سليمان وغيره.
قوله تعالى: {وحاق بهم} يعني بالمكذِّبين العذاب الذي كانوا به يستهزؤون والبأس: العذاب. ومعنى {سُنَّةَ الله}: أنه سَنَّ هذه السُّنَّة في الأُمم، أي: أن إيمانهم لا ينفعُهم إذا رأوا العذاب، {وخسر هنالك الكافرون}.
فإن قيل: كأنهم لم يكونوا خاسرين قبل ذلك؟
فعنه جوابان.
أحدهما: أن {خسر} بمعنى هلك قاله ابن عباس.
والثاني: أنه إنما بيَّن لهم خُسرانهم عند نزول العذاب، قاله الزجاج.

1 | 2 | 3 | 4 | 5